في البلد دي، لو ماتعرفش "كلامهم البلدي"، يبقى إنت اللي ماتعرفش تعيش!
إحنا دايمًا بنحسّ إنّنا لو اتعلّمنا إنجليزي كويس، يبقى كفاية، وهنلف الدنيا واحنا مش قلقانين. أصل ده كأنه "اللغة العامية" اللي ماشية في العالم كله، في التجارة، والتكنولوجيا، والسفر... كل حاجة بتتسلك بيه.
بس عمرك ما فكرت، لو فيه بلد، بتشوف "كلامها البلدي" – لغة تحسّ إنها مالهاش علاقة باللغات الأساسية أو المنتشرة خالص – بنفس أهمية اللغة الرسمية، أو حتى أهم منها، يا ترى الوضع ده هيكون إزاي؟
الكلام ده ممكن يكون صعب التصديق، بس ده حصل بجد في بلد في أمريكا الجنوبية اسمها باراجواي.
"وصفة أجداد" إزاي تبقى الطبق الرئيسي في عشاء رسمي للدولة؟
تخيّل معايا، اللغة الإسبانية عاملة زي "أكل المطاعم السريع" اللي منتشر في كل حتة، قياسية وعملية، وهي الخيار الأول لشغلنا والحاجات الرسمية. وفي باراجواي، فيه لغة تانية اسمها الجواراني (Guaraní)، ودي كأنها "وصفة أجداد" اللي بتتورّث جيل بعد جيل.
الـ"وصفة" دي في الأول كانت بتتقال بس في البيوت، هي لغة الهزار والفضفضة والتعبير عن الحب بين الأهل والأصحاب. كانت مليانة بدفا الحياة وريحة الأرض.
ولفترة طويلة، الـ"وصفة" دي مكنتش واخدة وضعها. لو استخدمتها في مناسبة رسمية، الناس كانت ممكن تحس إنك "بلدي" أو "مالكش في الأصول". كأنك بالظبط دخلت مطعم فخم لابس شبشب، أكيد النظرات هتتغير وتبص لك بشكل غريب.
بس أهل باراجواي ابتدوا يفهموا بالتدريج إن "أكل المطاعم السريع" اللي منتشر في العالم ده، مع إنه مريح، بس مابيملاش إحساس الانتماء اللي جوه الواحد. وإن "وصفة الأجداد" الفريدة دي، هي اللي بتحدد بجد "إحنا مين" وطعم هويتنا. دي اللي شايلة ذكريات الشعب ومشاعرهم وروحهم.
وفجأة، حصلت معجزة.
همّا مااتخلوش عن الـ"وصفة" دي، بالعكس، حطّوها على ترابيزة "العشاء الرسمي للدولة". كتبوا لغة الجواراني في الدستور، وخلوها لغة رسمية جنب الإسبانية. الأطفال في المدارس بقوا بيتعلموا اللغتين سوا، وفي مستندات الحكومة واليافطات العامة، بتشوفهم الاتنين موجودين جنب بعض.
النهاردة، في باراجواي، الجامد بجد، مش إنك بتتكلم إسباني بطلاقة، لأ، الجامد إنك تقدر تدخل كام كلمة جواراني أصيلة في نص كلامك بالإسباني بشكل طبيعي. زي لما تكون بتطبخ أكلة عادية، وتقوم حاطط عليها شوية توابل مميزة من أجدادك، الطعم بيصحى على طول، وبيبقى فيه روح.
لو إنت بتعرف إسباني بس زي "أكل المطاعم السريع"، هتعرف تتكلم مع الناس في الشغل. لكن لو بتعرف الجواراني اللي زي "وصفة الأجداد"، ساعتها بس هتعرف تصاحبهم بجد، وتخش قلبهم.
إيه هي "وصفة أجدادك" إنت؟
قصة باراجواي بتعلّمنا درس عميق: القوة الحقيقية مش إن ثقافة تغطي على التانية، لأ، هي إنهم يعيشوا في سلام جنب بعض.
كل واحد فينا، وكل ثقافة، عندها "وصفة أجداد" خاصة بيها. ممكن تكون لهجة بلدك، أو أغاني سمعتها من وانت صغير، أو نكت محدش يفهمها غيرك إنت وعيلتك. الحاجات دي هي اللي بتحدد هويتك الفريدة.
في موجة العولمة دي، سهل علينا نتجذب للحاجات الـ"قياسية" والـ"منتشرة"، وننسى بالتدريج أغلى وأميز حاجة فينا.
بس التواصل الحقيقي، بيحصل بالظبط بعيد عن الحاجات الـ"قياسية". هو مش مجرد تبادل معلومات، لأ، هو التقاء أرواح.
وده بالظبط اللي بيخلي التواصل بين اللغات والثقافات حاجة ساحرة ومدهشة. إحنا بنحاول نفهم اللي قدامنا، مش بس نترجم المعنى الحرفي، لأ، إحنا بنحاول ندوق "وصفة الأجداد" الفريدة اللي موجودة في ثقافة الشخص ده.
ولحسن الحظ، التكنولوجيا بتساعدنا نعمل ده بشكل أحسن. زي أدوات الـIntent مثلاً، الترجمة اللي فيها بالذكاء الاصطناعي، مش هدفها الدقة وبس، لأ، هدفها إنها تساعدك تكسر الحواجز، وتخليك تحس بمشاعر ودفى لغة الشخص اللي قدامك بأكتر طريقة طبيعية. هي عايزة تعمل إيه؟ عايزة تساعدك توصل القلوب ببعض.
علشان كده، المرة الجاية لما تتعرف على صاحب من خلفية ثقافية مختلفة، ماتقعدش تتكلم بس في "المواضيع العادية" اللي كل الناس بتتكلم فيها.
إيه المانع إنك تسأله، إيه هي "وصفة أجداده" هو؟
لما تبدأ تحس بفضول تجاه روح شخص تاني، علاقة حقيقية ليها معنى بتبدأ في اللحظة دي.