لا تسأل كم لغة يمكن أن يتعلمها شخص واحد، هذا السؤال خاطئ

شارك المقال
مدة القراءة المقدرة 5-8 دقائق

لا تسأل كم لغة يمكن أن يتعلمها شخص واحد، هذا السؤال خاطئ

ألم يحدث لك أن قضيت وقتًا متأخرًا من الليل، تتصفح مقاطع الفيديو، وتشاهد "أساتذة" يتقنون التبديل بسلاسة بين سبع أو ثماني لغات، ثم تسأل نفسك بصمت: كم لغة يمكن لدماغ الإنسان أن يستوعبها بالفعل؟

هذا السؤال، كأنه سؤالٌ ساحر. فهو قادر على إشعال شغفنا بالتعلم، ولكنه غالبًا ما يتركنا نشعر بالقلق والإحباط. نحن نُفتتن بـ "الكمّ"، وكأن إتقان المزيد من اللغات يجعلنا أعظم.

لكن اليوم، أود أن أقول لك: ربما كنا نسأل السؤال الخطأ منذ البداية.

هل هدفك "التوثيق" أم "التذوق"؟

دعني أروي لك قصة قصيرة.

تخيل أن هناك نوعين من "الذوّاقة".

النوع الأول، نسميه "ملك التوثيق". صور السيلفي تملأ ألبوم هاتفه من المطاعم الرائجة المختلفة. يمكنه أن يذكر بسرعة أسماء مئة مطعم، ويعرف الأطباق المميزة لكل مطعم عن ظهر قلب. لكن إذا سألته: لماذا هذا الطبق لذيذ؟ وما هي تقنيات الطهي والثقافة التي تكمن وراءه؟ قد يصيبه الذهول، ثم ينتقل بسرعة إلى موضوع المطعم التالي. بالنسبة له، الطعام يُستخدم لـ "الجمع" و "المفاخرة"، وهو مجرد سجلات توثيق.

النوع الثاني، نسميه "الذوّاق الحقيقي". ربما لم يزر الكثير من المطاعم، لكن كل وجبة يجلس لتناولها، يتذوقها بتمعن. يمكنه تذوق الإبداع الخفي الذي خبأه الشيف في الصلصة، ويمكنه أن يحدثك عن تحولات هذا الطبق في الثقافة المحلية. هو لا يستمتع بالطعم فقط، بل يستمتع بالقصة والإنسانية والعالم وراء الطعام. بالنسبة له، الطعام يُستخدم لـ "التواصل" و "التجربة".

الآن، لنعد إلى تعلم اللغات. في رأيك، أي نوع من الأشخاص تود أن تكون؟

اللغة ليست طوابع بريدية، فلا تهتم بجمعها فقط

كثيرون، عن غير قصد، أصبحوا "ملوك توثيق" في تعلم اللغات.

إنهم يسعون لكتابة "يتقن خمس لغات" في سيرتهم الذاتية، ويتحمسون لقول "مرحبًا" بعشرين لغة. هذا يبدو رائعًا، لكنه أحيانًا يكون هشًا لا يصمد.

لقد شهد التاريخ موقفًا محرجًا شهيرًا. فقد استُدعي شخص غريب الأطوار، يُقال إنه يتقن 58 لغة، إلى برنامج تلفزيوني. أحضر المضيف متحدثين أصليين من دول مختلفة لطرح الأسئلة مباشرة. وكانت النتيجة أنه أجاب بصعوبة على سؤال واحد فقط من أصل سبعة أسئلة. كان الموقف محرجًا للغاية.

كان كمن يمتلك مجموعة لا حصر لها من أدلة ميشلان، لكنه لم يتذوق طبقًا واحدًا حقًا، إنه "ملك توثيق". معرفته باللغات كانت معروضات هشة، وليست أدوات يمكن استخدامها للتواصل.

هذا يدق جرس الإنذار لنا جميعًا كمتعلمين للغات: قيمة اللغة لا تكمن في كمية ما "تعرفه" منها، بل في ما "تفعله بها".

الأساتذة الحقيقيون، يفتحون الأبواب باللغات

أعرف بعض خبراء اللغات الحقيقيين. قد لا يتباهون بقول "أنا أتحدث 40 لغة"، لكن عندما تتحدث معهم، تكتشف أن لديهم فضولًا هائلًا وفهمًا عميقًا لكل لغة والثقافة التي تكمن وراءها.

إنهم يتعلمون اللغات ليس للحصول على "ختم لغة" إضافي في جواز سفرهم، بل للحصول على مفتاح يفتح أبواب عوالم جديدة.

  • تعلم لغة هو الحصول على منظور إضافي للعالم. يمكنك قراءة الكتب الأصلية، مشاهدة الأفلام غير المترجمة، وفهم الفكاهة والحزن في ثقافة أخرى.
  • تعلم لغة هو طريقة إضافية للتواصل مع الآخرين. يمكنك أن تُجري حوارًا عميقًا مع صديق أجنبي بلغته الأم، وتشعر بالدفء والانسجام الذي يتجاوز الحواجز الثقافية.

هذا هو الجانب الأكثر سحرًا في تعلم اللغات. إنها ليست سباقًا حول الأرقام، بل هي رحلة مستمرة للاكتشاف والتواصل.

لذا، لا تنشغل بالتفكير في "أقصى عدد من اللغات التي يمكن لشخص واحد تعلمها". بدلًا من ذلك، اسأل نفسك: "أي عالم أرغب في فتحه باستخدام اللغة؟"

حتى لو تعلمت لغة جديدة واحدة فقط، ما دمت تستطيع أن تصنع بها صداقة، أو تفهم قصة، فأنت بالفعل "ذوّاق" أكثر نجاحًا من أي "ملك توثيق".

بالطبع، اليوم، أصبح بدء حوار بين الثقافات أسهل من أي وقت مضى. تطبيقات الدردشة مثل Intent، التي تحتوي على ميزات ترجمة قوية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، هي بمثابة دليلك الشخصي، تساعدك بسهولة على بدء أول محادثة مع أي شخص في أي ركن من أركان العالم. إنها تزيل العوائق الأولية، وتتيح لك "تذوق" متعة التبادل الثقافي على الفور.

في النهاية، تذكر: اللغة ليست غنيمة معلّقة على الحائط، بل هي مفتاح في يدك. المهم ليس عدد المفاتيح التي تمتلكها، بل عدد الأبواب التي تفتحها بها، وكم المناظر المختلفة التي تشاهدها.