لماذا لا تُسمى هارفارد "الجامعة الوطنية الأمريكية"؟ التاريخ العالمي الكامن في أسماء الجامعات أروع مما تتخيل.

شارك المقال
مدة القراءة المقدرة 5-8 دقائق

لماذا لا تُسمى هارفارد "الجامعة الوطنية الأمريكية"؟ التاريخ العالمي الكامن في أسماء الجامعات أروع مما تتخيل.

هل خطر ببالك هذا السؤال من قبل؟

لدينا في محيطنا "الجامعات الوطنية" مثل جامعة تسينغهوا وجامعة تايوان، وروسيا أيضًا لديها الكثير من "الجامعات الوطنية". ولكن إذا نظرنا حول العالم، فلماذا لا تحتوي أسماء أفضل الجامعات المرموقة، مثل هارفارد وييل وأكسفورد وكامبريدج، على كلمة "وطنية" (National)؟

الأغرب من ذلك، أن هناك في بريطانيا "إمبريال كوليدج" (Imperial College)، التي تبدو فخمة ومهيبة؛ بينما في ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، بذلوا قصارى جهدهم لمحو كلمتي "إمبراطورية" أو "وطنية" من أسماء جامعاتهم.

ما القصة وراء كل هذا؟ وهل لكلمة "وطنية" (国立) معنى في الخارج لا نعرفه؟

اليوم، سنكشف هذا السر الكامن في أسماء الجامعات. في الواقع، تسمية الجامعة مثل تسمية مطعم، فالاسم ليس مجرد رمز، بل هو إعلان.


النوع الأول من المطاعم: "مأكولات العم وانغ المنزلية" – الجامعات المحلية التي تخدم المجتمع

تخيل أنك تريد فتح مطعم في أمريكا، هل ستسميه "أفضل طباخ في أمريكا"؟ على الأرجح لا. قد تسميه "مطبخ كاليفورنيا المشمس" أو "بيت شواء تكساس". هذا يبدو ودودًا وأصيلًا، ويخبر الجميع بوضوح: أنا أخدم سكان هذا المكان.

"الجامعات الحكومية" (State University) في أمريكا تتبع هذا المنطق.

على سبيل المثال، جامعة كاليفورنيا (University of California) وجامعة تكساس (University of Texas)، أسماؤها تؤكد على "الولاية" وليس على "البلد". هذه طريقة ذكية جدًا، فهي تجسد الخاصية العامة للجامعة في خدمة دافعي الضرائب في ولايتها، وتتجنب بذكاء المشاكل المحتملة التي قد تجلبها كلمة "وطنية" (National).

لأنه في أمريكا والعديد من الدول الغربية، "القومية" (Nationalism) كلمة حساسة جدًا، ومن السهل أن تثير صور الحروب والصراعات ومشاعر الكراهية للأجانب. لذلك، فإن استخدام "حكومي/ولائي" (State) بدلاً من "وطني" (National) يشبه تسمية المطعم بـ "مأكولات العم وانغ المنزلية"، فهو متواضع وعملي، ويركز على تقديم أفضل خدمة للجيران والمجتمع المحلي.

النوع الثاني من المطاعم: "الصرح الأول الصيني" – الجامعة الرائدة التي تمثل واجهة البلد

بالطبع، هناك بعض أصحاب المطاعم الطموحين الذين يريدون أن يكونوا المعيار الوطني. قد يسمي مطعمه "الصرح الأول الصيني" أو "المقر الرئيسي لبط بكين المشوي". بمجرد ظهور هذا الاسم، فإنه يمثل ثقة لا مثيل لها، فهو ليس مجرد مطعم، بل هو واجهة المطبخ الوطني.

"الجامعات الوطنية" في بعض الدول تلعب هذا الدور.

على سبيل المثال، "الجامعة الوطنية الأسترالية" (Australian National University) أو "جامعة سنغافورة الوطنية" (National University of Singapore). في هذه الدول، عادة ما تكون هناك جامعة "وطنية" واحدة فقط، وهي مؤسسة أكاديمية رائدة تم إنشاؤها بجهود الدولة بأكملها، وتمثل أعلى مستوى في البلاد بأكملها. اسمها، هو بطاقة هوية وطنية لامعة.

هذا يختلف تمامًا عن الوضع الذي اعتدنا عليه، حيث توجد العديد من الجامعات "الوطنية". في تلك الدول، تعني كلمة "وطنية" مكانة رفيعة لا مثيل لها.

النوع الثالث من المطاعم: "مطعم ياماتو الغازي" – الجامعات الإمبراطورية التي تحمل بصمة العدوان

الآن، تخيل أسوأ سيناريو ممكن.

مطعم لا يُسمى "مأكولات منزلية" ولا "الصرح الأول"، بل يُسمى "مطعم ياماتو الغازي" أو "مأدبة الجرمان المتفوقين"، وقد أُقيم على أرض محتلة. لم يكن الغرض من هذا المطعم هو تقديم الطعام، بل كان هدفه، من خلال اسمه ووجوده، أن يذكّر السكان المحليين باستمرار: "لقد غلبناكم."

لهذا السبب أصبحت كلمتا "وطنية" (National) و"إمبراطورية" (Imperial) "سامة" إلى هذا الحد في التاريخ.

خلال الحرب العالمية الثانية، أنشأت ألمانيا النازية والإمبراطورية اليابانية ما يسمى "الجامعات الإمبراطورية" (Reichsuniversität / 帝国大学) في المناطق المحتلة. كانت هذه المدارس أدوات لنشر الغزو الثقافي والاندماج العرقي، وكانت أسماء جامعاتها بمثابة وشم تاريخي محفور على الوجوه، ومليئة بالعنف والقمع.

بعد انتهاء الحرب، أصبحت هذه الأسماء عارًا كبيرًا. قامت ألمانيا واليابان ودول أوروبية أخرى بإزالة هذه الأنواع من أسماء الجامعات من التاريخ بسرعة. أصبح الجميع حذرين للغاية من كلمة "وطنية" (National)، خوفًا من ربطها بالفاشية والإمبريالية.

لهذا السبب، من الصعب اليوم أن تجد جامعة شاملة في القارة الأوروبية تحمل اسم "وطنية" (National). حتى جامعة "رايكسونيفرسيتيت" (Rijksuniversiteit) الهولندية العريقة (التي تعني حرفيًا "الجامعة الوطنية")، تفضل عند الترويج لنفسها ترجمتها بذكاء إلى "جامعة حكومية" (State University) الأكثر حيادية، لتجنب أي تداعيات غير ضرورية.

رؤية العالم الكامنة وراء أسماء الجامعات

الآن، إذا عدنا للنظر في تلك الأسماء، فكل شيء يصبح واضحًا:

  • أمريكا تستخدم "حكومية/ولائية"، وهو نهج براغماتي، يؤكد على خدمة المجتمع المحلي.
  • بريطانيا تحتفظ بـ "إمبريال كوليدج"، وكأنها نبيل قديم لم ينسَ مجد "الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس"، وقد تم الحفاظ على آثارها التاريخية.
  • أستراليا وسنغافورة تستخدمان "وطنية"، وهي بطاقة هوية وطنية، تظهر قمة الثقة.
  • القارة الأوروبية تتجنب عمومًا "وطنية"، وهذا انعكاس للتاريخ، وتحرص على رسم حدود واضحة مع الماضي المؤلم.

اسم جامعة بسيط، لكن وراءه رؤية عالمية، ونظرة تاريخية، وقيم لدولة ما. يخبرنا هذا أن اللغة أبعد بكثير من مجرد مجموعة من المعاني الحرفية. خلف كل كلمة، تكمن ثقافة وتاريخ ومشاعر.

وهذا بالضبط ما يجعل التواصل بين الثقافات الأكثر جاذبية وتحديًا. قد تخبرك الترجمة الآلية البسيطة أن "National" تعني "国立"، لكنها لا تستطيع أن تخبرك بالآلاف من المعاني التي تحملها في سياقات مختلفة - هل هي مجد أم مسؤولية أم ندبة؟

لفهم العالم حقًا، وإجراء حوارات عميقة مع أشخاص من خلفيات ثقافية مختلفة، نحتاج إلى رؤية القصص الكامنة وراء هذه الكلمات.

وهذا هو المعنى الحقيقي للتواصل.


هل ترغب في إجراء محادثات عميقة مع أشخاص من جميع أنحاء العالم، وفهم القصص الثقافية الكامنة وراء لغاتهم؟ جرب Intent! إنه تطبيق دردشة مدمج به ترجمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي من الطراز الأول، مما يتيح لك تجاوز حواجز اللغة والدردشة بحرية مع أي شخص في جميع أنحاء العالم، وفهم بعضكم البعض حقًا.